حتى لا تغرق السفينة .. ئامانج ناجي نقشبندي

قيل قديماً سفينة بربانين مصيرها الغرق ، فالأفكار والقرارات و الأوامر وكذلك المصالح تتضارب وتكون النتيجة هلاك السفينة وركابها ،ويبدو هذه المقولة تنطبق على الوضع المتأزم الذي يعاني منه الإتحاد الوطني الكوردستاني ،والأنكى من ذلك هنالك الآن أكثر من ربانين لسفينة الإتحاد .والحديث هنا عن الغياب المؤثر للرئيس جلال الطالباني عن الساحة السياسية في العراق عموما و إقليم كوردستان خصوصا لأكثر من سنة بداعي المرض ،سنة بكل ما فيها من مشاكل و تناحرات سياسية وطائفية وقتل وإرهاب و التفرد بالسلطة و المحاولات المستمرة لرئيس الوزراء نوري المالكي لفرض سيطرته على مقاليد الحكم و إقصاء المكونات الأخرى والخلافات المستمرة مع الإقليم فيما يخص بمسائل تصدير النفط والغاز وعقود الشركات الأجنبية والبيشمركة والميزانية..الخ ،ودور الطالباني البارز في الحد من هذا المشاكل طوال عقد من عمر الحكومة العراقية بعد سقوط النظام ، هذا فيما يخص الوضع في بغداد العاصمة.أما فيما يخص الوضع الداخلي في الإتحاد الوطني فتداعيات غياب الطالباني أكبر وأكثر تأثيراً من النواحي السياسية والإجتماعية ..وكلنا نعرف ما آلت اليه نتيجة الإنتخابات الأخيرة التي جرت في شهر أيلول من العام المنصرم وتراجع الإتحاد الوطني الكوردستاني الى المركز الثالث وفوزه بثمانية عشر مقعداً بعد الديمقراطي الكوردستاني بقيادة "مسعود البارزاني "وحركة التغيير بقيادة "نوشيروان مصطفى"وهو ما رآه الكثير من المتابعين رقم لا يتناسب مع حجمه الحقيقي و تضحياته و دوره في الحركة التحررية في كوردستان والعراق على مدى ما يقارب أربعة عقود من تأسيسه ...ومما زاد الطين بلة خلافات حول إنعقاد المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني الذي كان من المقرر عقده قبل أسابيع أم إجرائه بعد أيام وأسابيع مقبلة أو تأجيله لما بعد الإنتخابات البرلمانية في عموم العراق المزمع إجرائها بعد أشهر قليلة وهذا بنظر الكثيرين لن تصب في مصلحة الإتحاد الوطني الكوردستاني بل قد تصيبه في مقتل و يطالب أنصار الإتحاد الوطني ومؤيدوه وقاعدته الجماهيرية العريضة إجراء تغييرات جذرية و إبتعاد الكثير من الوجوه القديمة التي لم تعد لديها شيئاً لتعطيه وهذا كان من شأنه مصالحة القاعدة الحزبية والجماهيرية وعموم الناخبين وفرصة قد لا تعوض لإجراء تغييرات و إنقاذ مايمكن إنقاذه ..بالإضافة لهذا فإن غياب الطالباني خلقت تجاذبات و تكتلات و محاولات لإحتكار السلطة من قبل بعض القيادات البارزة ونتيجة لهذه الصراعات وفي محاولات شبه يائسة لرأب الصدع الحاصل حالياً تم إقتراح تأسيس قيادة جماعية ثلاثية تتألف من نائبي الرئيس الطالباني وهما السيد كوسرت رسول النائب الأول و الدكتور برهم صالح النائب الثاني بالإضافة الى السيدة هيرو إبراهيم أحمد لممارسة سلطات الرئيس جلال الطالباني كسكرتير عام للإتحاد الوطني في سبيل إجراء الإصلاحات اللازمة في المؤسسات الحزبية والحكومية في ظل تدخلات سافرة من أكثر من جهة بل من أكثر من دولة ،ولكن لم تتحقق هذه الإصلاحات أيضا بسبب الخلافات الحادة بين هذه القيادات ،دون أن ننسى مسألة تشكيل الحكومة في أقليم كوردستان والدور البارز والحيوي للإتحاد في تشكيلها و المشاركة فيها ، والنتائج الى هذه اللحظة لا تبشر بالخير ،تخبط و مواقف ضبابية و إستقالات ومزايدات و تعدد التصريحات ،لعل هدف الكثير من القيادات كسب منافع شخصية لما بعد هذه المرحلة ،ويبدو أن لدى بعض القيادات أجندات سياسية شخصية ولم يعد المصالح العليا للإتحاد الوطني و تأريخه النضالي يؤخذ بنظر الإعتبار وتصريحات مسؤول اللجنة القيادية السيد "ملا بختيار"قبل أيام في قناة "كوردسات"الفضائية قبل أيام قلائل حول تفضيل التجارة والمال والإهتمام بالمصالح الشخصية على المصالح العليا للإتحاد الوطني خير دليل على خطورة الوضع الراهن ،فالخلافات بين التكتلات داخل الإتحاد تتعمق يوماً بعد يوم وأصبح "كل يغني على ليلاه".و الخلاف لا يتعلق بالمسائل الآيدولوجية والفكرية ومصير الحزب بل يتمحور حول المصالح و المناصب والزعامات والحصول على القطعة الأكبر من الكعكة ...والكل يعرف ما كان يردده الرئيس جلال الطالباني على مدى سنوات مضت حول حرصه على الإتحاد داخل الإتحاد الوطني الكوردستاني ...ولكن السؤال هنا هل يطبق الآخرين في قيادة الإتحاد هذا الشعار في هذه المرحلة الحرجة ؟...لتصل سفينة الإتحاد الوطني الكوردستاني الى بر الأمان ،هل سينتصر صوت الحكمة ؟ هل ستستمر الأغلبية الصامتة في صمتها تجاه ما لا يحمد عقباه أم ستكون لها القول الفصل و كلنا نتذكر ماحدث قبل خمس سنوات حين إنشطر حزب الإتحاد الى نصفين وحدث ماحدث ...و لم يبقى الا أن نذكر قيادة الأتحاد الوطني "لعل الذكرى تنفع"أن الإصطدام لا يجدي نفعاً والإصرار والتعنت ليست خيارات مناسبة ،لقد آن الاوان أن تأخذوا العبرة من الماضي القريب والفصد هنا ما حدث مع حركة التغيير و إنشقاق السيد نوشيروان مصطفى والإنتخابات السابقة ونتائجها فلا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين ...هذا إن كانوا يؤمنون ويدركون أن المسؤولية أكبر مما يعتقدون ؟!!.

 

Related Articles